G-PTJJDHR3XB

اكتئاب العلاقات العاطفية : عندما يتحول الحب إلى ألم نفسي

بقلم: إلفه طارق
أخصائية الصحة النفسية والإرشاد الأسري – ومعالج نفسي معتمد دوليًا

 

مقدمة

العلاقات العاطفية تشكل جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، و يمكن أن تكون مصدرًا للسعادة و الرضا، أو بالعكس تمامًا، سببًا في ألم نفسي عميق يُعرف بـ”اكتئاب العلاقات العاطفية”. وهو نوع من الاكتئاب لا يأتي من فراغ، بل من مشاعر خذلان، عدم أمان، صدمات عاطفية، أو حتى الحب الزائد بلا مقابل.

 

ما هو اكتئاب العلاقات العاطفية؟

هو حالة نفسية يشعر فيها الشخص بالحزن المستمر، فقدان الشغف، التعب العاطفي، القلق، و انعدام القيمة، وتكون هذه المشاعر مرتبطة بعلاقة عاطفية محددة، سواء كانت مستمرة أو انتهت. و يُشبه في أعراضه الاكتئاب العام، لكن جذوره تكون مرتبطة بالطرف الآخر في العلاقة.

 

أسباب اكتئاب العلاقات العاطفية :

1-عدم التقدير أو الإهمال
عندما يشعر أحد الطرفين بأنه غير مقدّر أو أن مشاعره لا تؤخذ على محمل الجد.

2- الخيانة أو الكذب
الصدمات الناتجة عن فقدان الثقة تُولّد شعورًا عميقًا بالخذلان و اليأس.

3- الحب من طرف واحد
أن يحب الشخص بقوة دون أن يقابله الطرف الآخر بالمثل يخلق شعورًا بالعجز و الدونية.

4- الغيرة و الشكوك المستمرة
الغيرة الزائدة تُرهق العلاقة وتدمر شعور الأمان النفسي.

5- الانفصال أو الفقد العاطفي
بعد انتهاء العلاقة، قد يشعر الشخص بفراغ داخلي شديد، و فقدان المعنى.

أعراض اكتئاب العلاقات العاطفية:

1- البكاء المتكرر دون سبب واضح
2- فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل
3- اضطرابات النوم (أرق أو نوم مفرط)
4- ضعف التركيز وانخفاض الأداء اليومي
5- الإحساس بالوحدة حتى عند التواجد مع الآخرين
6- جلد الذات أو لوم النفس المستمر
7- التفكير المستمر في الطرف الآخر أو في تفاصيل العلاقة
8- التفكير في إيذاء النفس أو في أفكار سلبية

 

العلاقات المرهقة لا تؤثر فقط على مشاعرك، بل تمتد إلى صحتك الجسدية.

 

التأثير النفسي و التأثير الجسدي:

1- توتر دائم و قلق صداع مستمر
2- اضطراب المزاج ضعف مناعة
3- نوبات بكاء مفاجئة
4- ألم جسدية أو في المعدة
5- تراجع تقدير الذات

 

كل هذه الأعراض مرتبطة بالعلاقة التي تستنزفك عاطفيًا. لذلك، أحيانًا استشارة المتخصص تكون ضرورة علاجية، و ليس مجرد خيار.

ما الفرق بين الحزن الطبيعي و الاكتئاب العاطفي؟

من الطبيعي أن نشعر بالحزن بعد مشاكل عاطفية، لكن إن استمرت الأعراض أكثر من أسبوعين وأثرت على الحياة اليومية و العلاقات الأخرى، فهذا مؤشر قوي على الاكتئاب العاطفي و يحتاج إلى تدخل مهني.

كيف تتعامل مع اكتئاب العلاقات العاطفية ؟

1- اعترف بمشاعرك ولا تنكرها
تجاهل الألم لا يشفيه، بل يزيده تعقيدًا. اسمح لنفسك أن تحزن، لكن لا تسمح للحزن أن يسيطر عليك.

2- ابتعد عن مسببات الألم
إن كان الطرف الآخر يؤذيك نفسيًا، ففكر بجدية في حماية نفسك والابتعاد عن مصدر الأذى.

3- اطلب الدعم
تحدث مع صديق تثق به أو مع مختص نفسي، فالتعبير عن المشاعر يخفف من حدتها.

4- اهتم بصحتك الجسدية
مارس الرياضة، تناول طعامًا صحيًا، ونم بشكل كافٍ الجسد والعقل مرتبطان.

5- اشغل وقتك بما تحب
الهوايات و العمل التطوعي و الدراسة تخلق شعورًا بالإنتاجية وتعزز تقدير الذات.

6- تقبّل النهاية إن حدثت
بعض العلاقات لا تُكتب لها الاستمرارية، و نهايتها لا تعني أنك شخص فاشل، بل قد تكون فرصة لبداية جديدة أكثر نضجًا.

متى تحتاج لزيارة مختص؟
إذا شعرت أن الألم النفسي يعيقك عن ممارسة حياتك، أو بدأت تراودك أفكار إيذاء النفس، فهنا لا بد من استشارة معالج نفسي فورًا. الاكتئاب قابل للعلاج، لكن تأخير المواجهة قد يزيد الأمر سوءًا.

خاتمة:
العلاقة العاطفية الصحية تقوم على الدعم، الأمان، والاحترام المتبادل. أما إن كانت مصدر ألم مستمر، فيجب التوقف ومراجعة النفس. فحب الذات لا يقل أهمية عن أي حب آخر، بل هو الأساس لكل علاقة ناجحة.

شارك المقال:

مقالآت ذات صلة

اضطرابات القلق

بقلم: إلفه طارق أخصائية الصحة النفسية والإرشاد الأسري ومعالج نفسي معتمد دوليًا   مقدمة : أحيانًا تكون المعاناة من القلق جزءًا طبيعيًا من الحياة. ومع

قراءة المقال »

ارسل لنا تعليقك